بقلم : مصطفى السعيد

موضوعات مقترحة

جرى الاتفاق على تسليم إيران بعض أموالها المجمدة، وتبادل سجناء بين إيران والولايات المتحدة وأوروبا، وتوافق بين إيران ووكالة الطاقة الذرية على عودة جزئية لمراقبة النشاط النووى الإيرانى، فهل جرى فتح الطريق من جديد أمام العودة للاتفاق النووى؟ تنفى كل من إيران والولايات المتحدة أنهما بصدد اتفاق مرحلى حول البرنامج النووى الإيرانى، كما أن الطريق مازال مغلقا أمام العودة للاتفاق النووى لعام 2015، فهل هناك طريق ثالث؟ ولماذا الآن؟ من الواضح أن هناك خطوات متبادلة لتخفيف الاحتقان والخلافات بشأن البرنامج النووى الإيرانى المثير للقلق، تشمل رفع جزئى لبعض العقوبات مقابل التزامات إيرانية بخفض مستوى التخصيب، وعودة التفاهم مع وكالة الطاقة الذرية، دون الحاجة إلى توقيع اتفاق مكتوب سيقود إلى خلافات وتعقيدات سياسية، ستؤدى إلى نفس الطريق المسدود، وتقرر الاكتفاء بفتح كوة فى جدار الأزمة، ربما تمهد الطريق أمام اتفاق جديد، ويمكن الاكتفاء بها طالما أنها الممكن الوحيد فى الوقت الراهن، تستفيد إيران من استعادة معظم أموالها المجمدة، بما يحسن أوضاعها الاقتصادية، مقابل تلبية بعض المطالب الأمريكية والغربية المتعلقة بضمان سلمية برنامجها النووى، دون أن تتخلى عن أنشطتها النووية أو مخزونها من اليورانيوم المخصب أو أجهزة التخصيب المتطورة، وتبدو هذه الخطوات مرضية لجميع الأطراف عدا حكومة نتنياهو، التى تمسكت بعدم إلتزامها بأى اتفاق مع إيران، وترى أن أنشطتها غير سلمية وتشكل خطرا وجوديا عليها، لكن من الصعب أن تعرقل إسرائيل هذه الخطوات البديلة للاتفاق النووى، سواء بصيغته القديمة أو المرحلية، لكن السؤال الملح حول أسباب تحريك هذا الملف الشائك فى الوقت الحالى، وما الغاية منه؟ مكالمة الرئيس الفرنسى ماكرون مع نظيره الإيرانى تضمنت طلب أوروبا وقف تزويد روسيا بطائرات إيرانية مسيرة، لكن هذا المطلب لا يكفى وحده لتفسير عودة الروح للتواصل مع إيران، واتخاذ قرارات عملية لإحداث إنفراج فى العلاقات، وهناك سببان يمكن أن يكون لهما دور فى هذا التغير، الأول تجربة إيران الناجحة لصاروخها الفرط صوتى "الفتاح"، والذى تتجاوز سرعته 13 مرة سرعة الصوت، ومداه 1400 كيلو متر، والذى يعد نقلة نوعية فى البرنامج الصاروخى الإيرانى، فالصاروخ لا يتميز بسرعته الفائقة فقط، بل بقدرته على المناورة وتجاوز أنظمة الدفاع الجوى، وهو أحد ثمار التعاون العسكرى والتكنولوجى بين إيران وروسيا ويقلق الغرب، ولهذا لا ينبغى دفع إيران بقوة أكبر نحو روسا والصين، وفتح الباب أمامها لرتق العلاقة مع أوروبا، بما يخفف الإندفاع الإيرانى نحو روسيا، مشاريعهما المشتركة، ومنها طريق شمال جنوب الذى سيمتد من قلب روسيا حتى الموانئ الإيرانية على المحيط الهندى، ويمنحها متنفسا مهما لصادراتها إلى آسيا أفريقيا، والسبب الأهم هو حاجة أوروبا للغاز الإيرانى، لتعيد ملء خزاناتها التى شارفت على النضوب، استعدادا للشتاء القادم، لأنها كانت قد إستعدت للإستغناء عن الغاز الروسى بعد أن ملأت خزاناتها عن آخرها بالغاز الروسى، مما خفف الأزمة، لكنها الآن لن تتمكن من ملء خزاناتها بالغاز الروسى، وإيران هى البديل الأسهل والأرخص، فلديها ثانى إحتياطى للغاز فى العالم بعد روسيا وقبل قطر، ولديها أيضا خطوط أنابيب مع تركيا يمكنها أن تصل إلى أوروبا، ولهذا تتحمس أوروبا وتضغط من أجل تخفيف الاحتقان مع إيران.

 

magnifier linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram